أشار وزير الاعلام رمزي جريج في كلمة له معرض صور من نتاج طلاب كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية - الفرع الاول إلى أن "الصورة أصدق إنباء من الكلمة، لأنها تكشف، بكثير من الشفافية والوضوح، تفاصيل الأحداث التي يعجز القلم في بعض الأحيان عن تظهيرها على حقيقتها، اذ رب مصادفة تتيح للمصور المبدع التقاط لحظة عابرة لا تتكرر وهذا الإبداع، هو الذي نستعرضه اليوم من خلال الصور التي تجسده".
وأفاد جريج انه "بالأمس القريب افتتحت معرضا نظمته نقابة المصورين الصحافيين في لبنان بعنوان "حياتنا أقوى من موتكم"، وفيه إصرار على مواجهة الذين يريدون تدمير بلدنا بنارهم وحقدهم، وكان ما حواه من صور رائعة خير تعبير عن رفض كل أسباب الموت والتشبث بالحياة الحرة الكريمة. وبين معرضي الأمس واليوم تكامل في الأدوار وايمان بغد مشرق آت بلا ريب"، مشيراُ إلى أنه "بالعنوان الذي اخترتموه لمعرضكم وهو "ومضات ضوء بعدساتهم"، ففيه دعوة إلى إضاءة شمعة في الظلام الذي تعيشه المنطقة بدلا من لعنه، فلكم منا كل المؤازرة والرعاية أنتم الذين تبحثون، منذ يومكم الأول في كلية الإعلام بالجامعة الوطنية، عن النور الذي يهديكم في دروب مهنة هي بالأصل رسالة قبل ان تكون وسيلة ارتزاق. أنتم تدركون ما لهذه المهنة-الرسالة من موجبات تفرضها الممارسة الصحيحة التي تنتظركم في مستقبل تتطلعون إليه بثقة وتفاؤل، متسلحين بما تكتسبونه من علم ومعرفة على أيدي أساتذة أكفاء، وفي ظل إدارة حكيمة على رأسها عميد كلية الاعلام جورج صدقه، الذي ترافق اسمه مع أخلاقيات المهنة، وهي المنطلق الأساس لكل مسيرة مهنية، من دونها يفقد الإعلام دوره وبريقه ويتحول إلى اداة للشتم والتجريح والتشويه. انها الأساس الذي يبنى عليه، وبها تتحصنون، ومنها تستمدون مناعةالالتزام بالموضوعية والشفافية، عند تسليط الضوء على القضايا التي يساهم طرحها أمام الرأي العام في تحقيق العدالة وتطبيق القوانين، بحيث يصبح العمل الإعلامي مكملا لدور القضاء، المؤتمن على صيانة الحريات العامة، وبالأخص حرية التعبير، تحت سقف القانون".
ولفت جريج إلى أن "وسائل الإعلام لعبت، في كثير من الأحيان، دورا اساسيا في الكشف عن بعض الحقائق التي حركت القضاء وشكلت له مادة مهمة للقيام بدوره لجهة الملاحقة القانونية وصولا إلى تحقيق العدالة. ولكن، وفي الوقت نفسه، اطلقت بعض هذه الوسائل أحكاما متسرعة على أشخاص يتمتعون بقرينة البراءة حتى اثبات العكس ليس لأحد ان يصدر حكما الا القضاء الذي ينطق بالقرار الفصل استنادا إلى الوقائع والقانون، فينبغي اذا للاعلام ألا يتجاوز حدود دوره وأن يكون مسهلا لعمل المحاكم بدلا من الحلول محلها"، موضحاً أنه "بصفتي وزيرا للاعلام ونقيبا سابقا للمحامين، ومن خلال تجربتي الشخصية في هذين المجالين، أرى أن ما بين دور الإعلام والقضاء ارتباطا وثيقا وعلاقة متكاملة، غير انه لا يجوز ان ينصب الإعلامي نفسه قاضيا يصدر أحكاما مسبقة، بل عليه ان يكتفي بكشف الوقائع ويترك للقضاء صلاحية التحقيق والمحاكمة لتأخذ العدالة مجراها الطبيعي. ومن اجل تكامل الدورين نسعى لكي يبصر النور قانون حق حصول الإعلامي على المعلومات، إذ إن حجب هذه المعلومات عن العمل الإعلامي الاستقصائي يدفع الباحثين عنها إلى السقوط في تجربة التسريب التي تؤدي الى تشويه الحقائق وتجزئتها بما يلائم الجهة المسربة، وهذا مخالف للقانون الذي يمنع نشر المحاضر والمعلومات السرية. وقد شاهدنا ونشاهد كيف يتم التسريب لغايات شخصية، والامثلة عن هذه الحالات كثيرة ولا مجال لتعدادها".
وأشار إلى أنه "لي في هذه الجامعة حصة شائعة ورثتها عن والد كان من مؤسسي كلية الحقوق فيها، وقد أنميت حصتي هذه من خلال مساهمتي المتواضعة في التدريس في الفرع الفرنسي من كلية الحقوق. لذلك اعتبر نفسي ابن هذه الجامعة وشريكا في نجاحاتها واخفاقاتها، فهي الحضن الأول للانصهار الوطني وفيها منشأ الجيل الجديد والشرط الأول لاستمرار النجاح ان ترفع عنها يد السياسة وتترك لها الحرية الكاملة في ادارة نفسها بنفسها، لأن السياسة ما دخلت مرفقا الا وافسدته فتحية للجامعة ولرئيسها معالي الدكتور عدنان السيد حسين المؤتمنِ على استقلاليتها وتقدمها، وتحية خاصة لكلية الاعلام أساتذة وطلابا".
وكان لمدير كلية الاعلام الدكتور رامي نجم كلمة أشار فيها الى ان "طلاب الجامعة اللبنانية بشكل عام وطلاب كلية الاعلام بشكل خاص، أثبتوا على الدوام تمايزهم عن نظرائهم في ميادين العمل الاعلامي فتبؤوا المواقع المتقدمة والمرموقة في كبريات المؤسسات الاعلامية المحلية منها والعربية، فتكاد لا تجد وسيلة اعلامية مرئية مسموعة كانت مقروءة او الكترونية الا وكانوا فيها اصحاب الحضور الاقوى والافعل".
وقال: "هؤلاء الطلاب يأتون الى كلية الاعلام بفرعيها من المناطق اللبنانية كافة، ليجدوا بانتظارهم نخبة من الاساتذة والمدربين الذين لا يبخلون عليهم بمعلومة مفيدة او وقت نوعي. وان كليتنا العزيزة، وكما هو حال معظم كليات الجامعة اللبنانية خارج مجمع الحدث الجامعي، تعاني ما تعانيه من سوء حال البناء وقلة التجهيزات الامر الذي دفعنا ومنذ تولينا لمهامنا بالشروع بورشة اصلاحية تطويرية بالتعاون مع عميد الكلية وبرعاية من معالي رئيس الجامعة الذي أبدى كل التعاون والحماس لتحسين الحال وتطوير الكلية لتليق بأساتذتها وموظفيها وطلابها".
ولفت نجم الى أن "الروتين الاداري يبقى معوقا اساسيا يبطىء سرعة هذه الورشة"، آملا أن "تبدأ تباشيرها بالظهور في شهر نيسان المقبل مع وصول الدفعة الاولى من التجهيزات".
وقال: "ومضات ضوء التقطتها عيون طلاب يتوقون الى العلم والمعرفة ويطمحون لان يكونوا نواة اعلام جديد ايجابي النزعة بناء لهوية لبنانية عابرة للحدود".
كما توجه عميد كلية الاعلام جورج صدقة الى وزير الاعلام، مفيداً أن "طلابنا قلقون على مستقبلهم، فالمؤسسات الاعلامية اليوم في الحضيض، اخبار الصحافة المطبوعة تدعو الى البكاء واخبار محطات التلفزيون تدعو الى الاسى والحزن لان العجز المالي يلزمها مع الاسف، خرق مبادىء العمل المهنية والاخلاقية والتخلي عن خيرة العاملين فيها اخبار تسريح العاملين في قطاعات الاعلام تتوالى كل يوم، وبتنا نترحم على العهد الذهبي للصحافة اللبنانية. لكننا لن نيأس، فالكلية تعد مناهج جديدة لمواكبة تغيرات سوق العمل، وطلابنا مدركون ان تمايزهم وتفوقهم هما رصيدهم الاول. ووسائل الاعلام وان مرت بفترات صعبة، لكنها متلازمة بدورها مع المجتمعات الحديثة، وهي اليوم في حالة انتقالية بسبب التغييرات البنيوية التي تعيشها المهنة مع الثورة الرقمية، وستعود متألقة لان دورها اساسي في آلية الانتظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي كما ان الثورة الفرعية تفتح المجال امام مهن جديدة علينا مواكبتها".
ولفت إلى أن "الجامعة من ناحيتها تسعى على رغم تراجع موازنتها العامة، الى تأمين العدة اللازمة للتأهيل الاكاديمي والمهني، وقد وعد معالي رئيس الجامعة، ووفى بتأمين التقنيات الضرورية للكلية وهي باتت على الطريق. لقد كان لبنان دوما رائدا في ميدان الاعلام والثقافة وكان لهذه الكلية دوما دور اساسي بحيث يتوزع خريجوها على مساحة العالم العربي فكليتنا تؤمن بدورها الريادي، تؤمن بأن العنصر البشري هو الطاقة الاولى في البناء والانتاج، الهيئة التعليمية واعية لدورها في بناء النخب، وطلابنا مصرون على التفوق وعلى الامساك بدورهم المستقبلي وفي المقابل ورشة العمل في قطاع الاعلام كبيرة في كل ميادين هذا القطاع بدءا من قوانين الاعلام، مرورا بالهيئات النقابية والمجلس الوطني للاعلام، وصولا الى الاعلام العام. لكن عبور هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها اعلامنا، لا يمكن فصله عن الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن. ونتمنى كل النجاح لمعالي وزير الاعلام في ورش العمل التي اطلقها في هذه الميادين".